(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
76941 مشاهدة
شرح حديث أربع من كن فيه كان منافقا خالصًا

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين. الحديث السابع: عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا أؤتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر متفق عليه.


هذا الحديث في خصال المنافقين نعوذ بالله. الأصل أن المنافق هو الذي يظهر الإيمان ويبطن الكفر، يعقد قلبه على الكفر والميل إلى الكفار والتكذيب للشرع، وعدم تقبل أحكام الدين فهو كافر في الباطن، ولكن يظهر الإسلام ليأمن على ماله وليأمن على أهله، وعلى بدنه يأمن من القتل؛ لأنه إذا أظهر الكفر قتل كما يقتل الكفار.
فهو كافر في الباطن مع الكفار، يُطلِع الكفار على أسرار المؤمنين ويخاطبهم، ويقول: أنا معكم وأنا على المؤمنين، وأما في الظاهر فإنه يخالط المؤمنين ويصلي ويحج ويجاهد، ولكن كل ذلك رياء منه لا أنه يفعل ذلك عن قناعة، وإنما رياء كما في قول الله تعالى: الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يعني يتربصون ينتظرون ما يحل بكم، فإذا نصركم الله وغنمتم، قالوا: أعطونا من الغنائم نحن معكم ونحن منكم ونحن بينكم مقيمون معكم، وإذا انتصر الكفار قالوا: نحن معكم نطلعكم على أسرار المؤمنين، ونبين لكم أحوالهم ولم نقاتلكم معهم، فأعطونا من غنائمكم أو لا تتعرضوا لنا، وأمنونا هكذا يقولون.
ثم قال تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ فأخبر بأنهم يخادعون الله, بمعنى: أنهم يظهرون ما الله تعالى عالم بأنه كذب ومخادعة يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ .